ليست الجريمة والإجرام مجرد وسيلة للإثارة ، ولا عبارة عن سرد الغرائب والأعين تتلذذ بالدهشة أو بالتشفي حول صينيات الشاي أو كؤوس المقاهي للسمر ، إنها الجراح التي تنزف في المجتمع في غفلة من سلطة ينتمي تعاملها مع الجريمة إلى زمن اختزال كل أركيولوجيتها الانتقام والردع والتمثيل - بعد وقوع الفأس في الرأس - وفي غمرة ارتباك سلم القيم في وطن لم يتخلص بعد من سيكولوجية "الإنسان المقهور" هو المصنع الأساسي لصناعة الجريمة وتغذية الإجرام .
الجريمة أكبر من سجن قانوني يحصرها في الفعل أو الامتناع المخالف للقانون ، إنها الرعب الذي يمشي بيننا متخفيا دون أن ننتبه لخطورته إلا بعد فقدان عزيز علينا أو ضياع ثمين لا نملك غيره ، الجريمة الحقيقية هي هذا الفراغ الجاثم على مؤسساتنا السياسية والمدنية والرسمية التي لم تستوعب بعد أن استثباب أمن أفراد المجتمع – حتى البسطاء منهم وأحزمة البؤس والفقر - حق من حقوق الرضى بالدولة وبمشروعية احتكارها لوسائل زشرعية العنف ، فضلا عن مقابل بسيط لأموالنا التي نضخها ضرائب تؤدى منها أجور وامتيازات كبارات رجال الأمن والدولة .
الجريمة بشكلها المتسارع وحركيتها المتنامية في الإقليم والجهة مؤشر على فشل "أجهزة الضبط " و "آليات الإدماج " للدولة .. فما أوحجنا إلى التداول في موضوع مسكوت عنه مثل الجريمة والإجرام والمجرمين أصحاب السلوك الإجرامي .
الإرسالية تحاول الوقوف عند موضوع ، فتعيد تركيب موضوع الجريمة وأصحاب السلوك الإجرامي في ارتباطه بالعنف والأمن الجسدي لأفراد المجتمع وتضعه على طاولة التشريح من خلال مواد الغلاف هذه ...
إعداد : محمد العنيبي – حميد هيمة – محمد قايدي